تساؤل هام : مطروح للنقاش
هل يجب التمسك بالمصطلحات التى جاءت فى النظام الاسلامى ام يجوز تغيرها الى مصطلحات معاصرة غربية مع التمسك بالمضمون نظرا للبغض الموجه ضد الاسلام اليوم ؟
قد يتبادر الى الذهن اولا ما هى فائدة الاجابة على هذا التساؤل:
فاولا: نرى فى وقتنا المعاصر الذى نحيا فيه الان تزايد كبير للتدخلات الأجنبية لتغيير مناهج التربية الإسلامية، وبعض مناهج العلوم الإسلامية، والعمل على صرف محتواها عن مفاهيم وقضايا يدعي الغرب أنها تشجع على التطرف والإرهاب، وإحلال مناهج أخرى بديلة لإيجاد نمط من التدين يرغبه الغرب لأبناء العالم الإسلامي ويتمشى مع الحداثة والمعاصرة تحت مسميات عديدة منها الإسلام الحداثي، الإسلام المعتدل.
هذا الذى جعل اعداء الاسلام ينهشون فى العقيدة نهشا بل وصل بهم الامر ان صار مفتضحا دون ادنى نفاقا او ريائا لان الامة الان فى مرحلة من الضعف الشديد فقد قال الجنرال الامريكي ويسلي كلارك من كان يظن انا خرجنا لافغانستان انتقاما لاحداث 11سبتبر فليصحح خطأه ؟؟
نحن خـْـْرجنا لقضية اسمها الاسلام .. لانريد ان يبقى الاسلام مشروعا حرا يقرر فيه المسلمون ما هو الاسلام وليس بالاسلام ،، نحن نقرر لهم ما هو الاسلام، فلذلك يرى البعض ولهم الحق فى ذلك اننا يجب ان نتمسك بفاهيمنا دون الاقتياد لمفاهيم الغرب.
وثانيا : ان المسميات والمفاهيم هى من تحدد الاطار الذى تسير عليه الدولة بشكل واضح وجلى اى اننا اذ قلنا ان دولة ما تسمى فى دستورها مفهوم الشورى اضافة الى مفهوم الحسبة وكذلك دفع الصأل فهذا يعنى من الوهلة الاولى ان هذا الدستور وهذه الدولة تنتهج النهج الاسلامى، وذلك عكس ان نقول ان هذه الدولة تسمى المنهج الديمقراطى او لا تعترف اصلا بمفهوم الحسبة وتسمى الدفاع عن النفس وغير ذلك من المسميات الحديثة والمستحدثة وفقا لما هو متفق عليه من المجتمع الدولى او بمعنى ادق يمفاهيم الغرب.
لذلك إن تحديد المصادر الشرعية في دستور الدولة، يجعل الحكام وأفراد الرعية يدركون بوضوح الإطار الشرعي الذي ينبغي أن تتمَّ ضمن حدوده الممارسات العامة والخاصة، والذي يحقق القدر اللازم من التنسيق والتكامل بين نشاط الرعية ونشاط أجهزة الدولة وَفق الأحكام الإسلامية او احكاما غير اسلامية.
ثالثا: إن لكل مسمى او مفهموم غربى مقابل له فى النظام الاسلامى ويوضح وبشكل اكبر وافضل مضمون هذا المفهوم او كنهه وفقا للنهج القويم وشرع رب العالمين فلماذا اذن نستورد من الخارج مفاهيم قد يكون لها اضراراً اكثر من نفعها اضافة الى كونها لم تضف جديدا بل قد تسير على نهج مخالف او مضمون مخالف للشرع وقد انها تثير القلاقل وتفسد العقول وتوجه النظر الى الغرب.
رابعا: يؤدى ازدياد استعمال المفاهيم الغربية فى مجتمعنا الى تغريب المجتمع وفصلة عن هويتة شيئا فشيئا حتى دونما ان يشعر المجتمع ذاته، وهذا هو جل ما يسعى اليه اعداء الاسلام.
وبعد كل هذا التوضيح لازال التساؤل قائماً هل يمثل تغير المصطلحات فارقا ام يجب التمسك به؟
بداية اود ان قضية الاسلام منذ بداية عهد الدولة اى منذ عهد النبوة الى وقتنا الحالى تواجه حربا ضروسا لو تعرض لها اى نظام فى الدنيا كله بل لو تعرض الى نصفه او ربعه لانهار اشد الانهيار والاتحاد السوفيتى خير شاهد ودليل وغيره على مر العصور ولكن لان الله تعالى هو من يحفظ هذا الدين فلذلك قدر له البقاء رغم كل شىء.
فهناك يرى بضرورة التمسك بالمصطلحات الاسلامية دون الحيد عنها ويعرض حجج كثيرة من بينها ما ذكر انفا ويرى راى اخر ان المصطلحات لا تمثل اى فارق طالما ان المضمون اسلاميا فما الريب من استحداث مصطلحات تتماشى مع الوقت الراهن فقد أطلق الفقهاء على المسائل التي استجدت في عصورهم عدة ألفاظ ومصطلحات منها: القضايا المستجدة، والنوازل، والواقعات، والفتاوى ولذلك فلا ريب من اتسحداث مفاهيم حتى ولو غربية طالما ان صبغتها ستكون اسلامية.
رأينا فى هذه المسألة :
نرى ان التدرج سنة فى شرع الله تعالى وهو مما متفق عليه بالاجماع اضافة الى الادلة القرأنية وكذلك ادلة من السنة النبويه لا مجال لعرضها الان، وهذا ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى جل اموره وخصوصا فى مراحل الدين الاولى ، وقد قال صلى الله عليه وسلم بدأ الإِسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ هذا الذى يجعلنا ان نقول اننا يمكن ان نتخذ نهج التدرج فى هذا الصدد.
حيث اننا نخلص الى انه لكل مقام مقال بحيث اذا كانت الدولة او الامة قادرة على مواجهة التحديات التى ستواجهها فور اعلان النهج الاسلامى فياحبذا بذلك بل هو الاولى بل يصل الى درجة الفرضية وخصوصا لتلافى الاضرار التى قد تواجهها الامة من استخدام مصطلحات ومفاهيم تخالف الاسلام، ولكن وبما ان الامة الان فى مرحلة من الضعف فنرى اننا يجوز ان نتخذ المصطلحات الغربية والتى تخفف من وطئة الامر الان ولكن هذا لا يمنع الامة والدول من الالتزام بتعاليم الاسلام، بل ان ما اضاع الامة هو تفريطها فى تعاليم الاسلام.
خلاصة القول انه يجب الالتزام بتعاليم الاسلام ومفاهيمه ومصطلحاته الا اذا كان الظرف غير مواتى لضعف الشوكة واشتداد شوكة الاعداء علينا فهنا يجوز استخدام مصطلحات اخرى دون الحيد عن المنهج ذاته الى ان تتاح الفرصة لاستخدام المصطلحات الاسلامية.